ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بين بعض المناشط الرياضية وبين الجهاد لإدراكه أهمية الإعداد البدني والمهاري في المعارك الإسلامية التي تخاض بقصد الجهاد في سبيل الله، فقد أكد أشد التأكيد على تلك الرياضات كالرمي بالقوس والنبل، وركوب الخيل، وأوضح ثواب ذلك للمسلم، بل أوضح كذلك عقاب من يترك هذه الرياضات وما تئول إليه أحواله إن فعل ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطبق عن الهوى.
وبذلك ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بين الرياضة وأهداف الدولة، ولم نعرف في تاريخ المجتمعات البشرية عبر العصور المختلفة أن التربية البدنية والرياضية قد نجحت وازدهرت بمعزل عن أهداف مجتمعها، وهكذا نجحت الرياضة في عصر الرسول ونالت هذه المكانة المرموقة بين سائر النظم الاجتماعية وأنماط الثقافة في الدول الإسلامية الأولى.
ولم يكن موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرياضة مجرد الحث والترغيب في دفع المسلمين على ممارستها، ولم يكتف بتوضيح أدوارها في الجهاد في سبيل الله وثواب ذلك عند الله عز وجل، وإنما أعطانا القدوة والمثل في ذلك فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مارس الرياضة بنفسه في وقائع عديدة ثابتة في سنته المطهرة.
وقد جاء في صحيح البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالسوق، فقال: « ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان ». قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما لكم لا ترمون؟ » قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟، فقال: « ارموا وأنا معكم كلكم ».
وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود ، من حديث عائشة قالت: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني قال: « هذه بتلك ». وفي رواية أخرى، أنهم كانوا في سفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه تقدموا فتقدموا، ثم قال لعائشة. سابقيني فسابقها فسبقته، ثم سافرت معه أخرى فقال لأصحابه: « تقدموا » ثم قال سابقيني فسبقته ـ ثم سابقني وسبقني ـ فقال: " هذه بتلك
اللهم صلي وسلم على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين....